عندما تفكر في وجهة أوروبية تمزج بين التاريخ العريق والهدوء الساحر بعيداً عن صخب السائحين، فإن مدينة تافيرا في منطقة الغارف البرتغالية قد تكون الخيار المثالي. هذه المدينة الصغيرة تحمل بين أزقتها قصص حضارات قديمة، من الفينيقيين والرومان إلى الحقبة العربية التي تركت بصماتها الواضحة في العمارة والروح. واليوم، يطل علينا فندق Palacio de Tavira كأول فندق فاخر بخمس نجوم في المنطقة، واضعاً تافيرا على خريطة السفر العالمية لعشاق الفخامة والثقافة.
تافيرا ليست مجرد مدينة سياحية عادية، بل هي متحف مفتوح يحكي قصة قرون طويلة من الحضارات المتعاقبة. تأسست جذورها منذ العصر البرونزي، ثم أصبحت محطة للفينيقيين والرومان، قبل أن يترك العرب بصمتهم العميقة في عمرانها وثقافتها. وعلى الرغم من الزلازل التي دمرت أجزاء كبيرة منها في القرن الثامن عشر، إلا أن ملامحها القديمة ما زالت واضحة، من بينها الجسر الشهير ذو الأقواس السبع الذي يقف شاهداً على ماضيها العريق.
هذه الخلفية التاريخية الغنية تجعل من تافيرا مكاناً مختلفاً عن باقي مدن الغارف. فهي مدينة هادئة نسبياً، بعيدة عن الزحام، مما يتيح للزائر فرصة حقيقية لاكتشاف الجوهر البرتغالي الأصيل.
فكرة الفندق بدأت مع ماروجال، المجموعة الإسبانية المتخصصة في الفنادق البوتيكية الفاخرة، والتي تدير بالفعل وجهات مشهورة مثل Cap Rocat في مايوركا. أحد الشركاء، أرنو لابورت، وقع في حب تافيرا من أول زيارة، وأدرك أن هذه المدينة تناسب تماماً فلسفة ماروجال التي تحرص على أن يعكس كل فندق هوية المكان الذي يوجد فيه.
وراء الواجهة الكلاسيكية التي تعود للقرن التاسع عشر، يحافظ الفندق على الكثير من التفاصيل الأصلية مثل السلالم الحجرية القديمة والأقواس المزخرفة، مع إضافة جناح جديد يسمى "المدينا" بتصميم مستوحى من ماضي المدينة العربي، حيث الغرف البيضاء والبلاط المحلي التقليدي.
الفندق يضم 36 غرفة مقسمة بين القصر التاريخي والجناح الجديد. الغرف في القصر تطل على ساحة جميلة وتتميز بأرضيات خشبية وأجواء كلاسيكية، بينما يقدم جناح المدينا تجربة أكثر انفتاحاً بفضل الشرفات المزينة والدُش الخارجي في بعض الأجنحة.
التفاصيل الصغيرة تضيف لمسة فريدة: سجاد مصنوع من صوف خراف جبال البرتغال، ميني بار مليء بمنتجات محلية مثل البيرة الحرفية والشوكولاتة الممزوجة بملح البحر، وحتى رقائق البطاطا الحلوة الشهيرة في المنطقة. كل ذلك يمنح الضيف شعوراً بأنه يعيش جزءاً من تراث الغارف.
يقود الشيف المحلي فابيو دومينغيز مطعم Mirsal، حيث يقدم قائمة قصيرة ولكن مليئة بالنكهات البرتغالية الأصيلة. أطباق مثل روبيان à Brás والكروكيت المحشو بالذيل البقري، أو لحم الضأن المطهو ببطء مع الكسكس، تبرز التنوع في مطبخه. الأسماك لها نصيب الأسد، وهو ما يعكس ثقافة المدينة الساحلية.
البار يقدم كوكتيلات كلاسيكية إلى جانب تشكيلة واسعة من النبيذ البرتغالي، مما يجعل من تجربة الطعام والشراب في الفندق جزءاً أساسياً من متعة الإقامة.
المنطقة الشرقية من الغارف لا تزال بعيدة عن السياحة المزدحمة، وتقدم أجواءً طبيعية أصيلة: قرى صغيرة ببيوت بيضاء، حقول زهور برية، ومقاهي محلية يجتمع فيها كبار السن لاحتساء قهوة الإسبريسو التقليدية. أما تافيرا نفسها فهي جوهرة المنطقة، بأسطحها المميزة وأبوابها المزخرفة، حيث ما زال الخبز الطازج يُعلق على الأبواب كل صباح.
هذه التفاصيل تمنح الزائر إحساساً بأنه يعيش لحظة من الماضي، بعيداً عن صخب المدن الحديثة.
الفندق يجذب عشاق الثقافة والتاريخ من فرنسا وإسبانيا وبريطانيا، إضافة إلى الأميركيين الذين يزداد إقبالهم على الغارف بفضل الرحلات المباشرة إلى فارو. ومع مكانته كأول فندق فاخر في تافيرا، سيكون خياراً مثالياً للمسافرين الباحثين عن تجربة أصيلة ومترفة في آن واحد.
بهذا الأسلوب، يقدم Palacio de Tavira مزيجاً فريداً من الفخامة والهوية المحلية، ليصبح الوجهة الجديدة لعشاق السفر الراقي في البرتغال.