في عالم أصبحت فيه المعارض الفنية ساحات للمنافسة بين الذوق والثروة، لا يعود السؤال عن (كم ثمن هذه اللوحة؟) بل (من يجرؤ على دفع هذا الثمن؟). معرض (Art Basel 2025) لم يكن مجرد حدث فني، بل عرض مبهر للمال والهيبة، حيث التقت الألوان بالتوقيعات البنكية، واختلطت رائحة الطلاء بعطور المقتنين. تجربة لا تُنسى لكل من دخلها، سواء بجيبه أو بعينه.
لوحة "Mid November Tunnel" للفنان ديفيد هوكني خطفت الأنظار بمجرد عرضها. بسعر يتراوح بين 13 و17 مليون دولار، لم تكن مجرد قطعة فنية، بل حدثاً بحد ذاته. الجميع وقف أمامها للتمعّن، البعض اندهش من السعر، والبعض اعتبره عادياً في سوق لا يعترف إلا بالأرقام العالية. ومع ذلك، أثبتت هذه الصفقة أن بازل عاد بقوة، وأن من يملك القدرة لا يتردد.
المشهد بدا غريباً لكن حقيقياً. زحام شديد أمام متجر "آرت بازل" لاقتناء دُمى "Labubu" المصنوعة بلمسة الفنان Kasing Lung. بيعت جميعها في أقل من نصف ساعة. صحيح أنها لم تكلف ملايين، لكنها أكدت أن الشغف بالاقتناء لا يتعلق بالسعر فقط، بل بالرغبة في التميز، والشعور بامتلاك شيء نادر قبل الجميع.
الأمر لم يعد فقط حباً في الفن، بل بات استثماراً ذكياً. كثير من المقتنين يدخلون "آرت بازل" كما يدخل المستثمر البورصة، يحللون ويتوقعون العوائد. لوحة لجيرهارد ريختر بسعر 6.8 مليون دولار؟ إنها استثمار محكم. عمل لمارك برادفورد بـ3.5 مليون؟ رهان طويل الأمد. الفن هنا لا يُعلّق على الجدران فقط، بل يُدرَج في تقارير الأرباح والخسائر.
بداية المعرض شهدت نشاطاً محموماً، حيث امتلأت الصالات بالمشترين والمستشارين وصفقات سريعة. لكن مع مرور الأيام، تباطأت الوتيرة قليلاً، خاصة مع غياب عدد من الزوار الأمريكيين الذين يبدو أنهم يفضلون نسخة باريس القادمة. رغم ذلك، الصفقات الكبرى لم تتوقف، ولكنها أصبحت أكثر حذراً وتأملاً.
الإجابة بكل بساطة: نعم. التجوّل وسط هذا الكم الهائل من الإبداع البصري، سواء كنت تنوي الشراء أو تكتفي بالمشاهدة، يترك انطباعاً لا يُنسى. رؤية الأعمال النادرة، وسماع النقاشات الجادة، واستنشاق أجواء من الفخامة والعراقة، كل ذلك يمنح الزائر تجربة تفتح له أبواباً جديدة من الذوق وربما الطموح.