تشتعل المنافسة في عالم الهواتف الذكية عاماً بعد عام، لكن الربع الأخير حمل تحولاً واضحاً في اتجاه السوق. ورغم استمرار الجدل حول التصميم والكاميرات والميزات، فإن الأرقام تقول كل شيء. فقد تمكنت سامسونج من القفز إلى الصدارة عالمياً بعد ارتفاع كبير في شحناتها، لتفتح صفحة جديدة في سباق السيطرة على السوق الرقمية وانتزاع نفوذ أكبر على مستوى الأنظمة والخدمات.
تُظهر بيانات الربع الأخير أن سامسونج شحنت ما يقارب 60 مليون جهاز حول العالم، بينما اكتفت آبل بشحن ما يزيد قليلاً على 50 مليون وحدة. ورغم أن الفارق الرقمي يبدو بسيطاً، إلا أنه يعكس فارقاً كبيراً في الحصة السوقية، حيث استحوذت سامسونج على 21٪ مقابل 17٪ لآبل. هذا التفوق يمنح سامسونج قاعدة مستخدمين أوسع، ما يعني انتشاراً أكبر لنظامها وخدماتها وتطبيقاتها، خصوصاً في الأسواق التي تعتمد على التنوع السعري.
حين يزداد عدد الأجهزة المباعة، تتوسع شبكة المستخدمين المرتبطين بالخدمات السحابية والتطبيقات والاشتراكات الخاصة بالشركة. ومع توسع عملية الارتباط هذه، تصبح سامسونج اللاعب الأكثر تأثيراً في سوق الخدمات الرقمية، وهو مجال يشكل ركيزة اقتصادية أساسية للمستقبل. التحكم في الحجم يعني التحكم في ولاء المستخدم والعودة للشراء مرة أخرى.
تعتمد سامسونج استراتيجية قائمة على التنوع، إذ توفر هواتف فاخرة وأخرى متوسطة واقتصادية. هذا التنوع يمنحها القدرة على تلبية احتياجات شريحة واسعة من المستهلكين، خصوصاً في الأسواق التي تضع السعر تحت المجهر. في المقابل، تستحوذ آبل على الفئة العليا بجاذبية التصميم والأداء، لكنها تفقد الأرض تدريجياً في الأسواق الحساسة للسعر، ما يعزز تقدم سامسونج في إجمالي المبيعات.
حين يشتري المستخدم جهازاً من سامسونج، فإنه يدخل نظاماً متكاملاً من التطبيقات والخدمات والحسابات. هذا الارتباط يجعل قرار الترقية مستقبلاً أسهل ويزيد ولاء المستخدم تجاه العلامة. ارتفاع عدد الأجهزة يعني أن سامسونج تعزز قاعدة مستخدميها، وهو ما يدعم نموها في الاشتراكات والخدمات التي أصبحت تشكل رافداً أساسياً لصناعة التقنية اليوم.
تشير الأرقام إلى قاعدة ثابتة: من يسيطر على حجم الشحنات اليوم يسيطر على السوق غداً. ورغم قوة آبل في العلامة التجارية، إلا أن انتشار سامسونج وقدرتها على تغطية جميع الفئات يمنحها الأفضلية. ومع توسع حصتها العالمية، يتضح أن سامسونج تمسك بزمام المنافسة، وأن من يملك العدد الأكبر يملك التأثير الأكبر على المستخدم وعلى السوق وعلى مستقبل الابتكار.