مالطا، هذه الجوهرة الصغيرة في قلب البحر المتوسط، التي تضم كنوزاً تاريخية وثقافية لا تُقدر بثمن، لما شهدته أرضها من تفاعلات عبر العصور بين القوى والثقافات التي شكلت هويتها المتناغمة وأكسبتها طابعا ثقافيا مميزاً وهوية معمارية فريدة تدمج العمارة الشرقية بالطراز الباروكي.
مع انتصاف الخريف وصولا لنهاية يناير، يكون سكان مالطا وزوارها على موعد مع ثلاث مهرجانات فنية وموسيقية استثنائية، تبدأ بمهرجان القصور الثلاثة، في الفترة من 30 أكتوبر وحتى 3 نوفمبر، وتنتهي بمهرجان فاليتا الباروكي، في الفترة من 9 حتى 25 يناير.
مهرجان القصور الثلاثة
كان هدف المهرجان في البداية مقتصرا على دعوة رواد الحفلات الموسيقية، واطلاعهم على جمال القصور الرئاسية الثلاث في مالطا، والتي لا يمكن للجمهور دخولها عادةً، وإمتاعهم بتجربة الحفلات الموسيقية والفعاليات رفيعة المستوى في أرقى وأفخم رموز العمارة المالطية والاستمتاع بالتواجد داخل المواقع التراثية، رفقة عروض خاصة تعكس جمال الفنون والموسيقى اللامتناهي، بل والمشاركة في التعبير بالموسيقى، حيث يؤدي الفنانون الصاعدون جنبًا إلى جنب مع أفضل الفنانين المعروفين في مالطا وعلى الصعيد الدولي.
وسيكون مهرجان هذا العام 2024، سيكون مختلفاً ولن يقتصر فقط على قصر فيردالا في حدائق بوسكيت المقر الصيفي للرئيس المالطي، أو قصر سان أنطون في بلدة والذي سيتعرف عليه متابعو مسلسل لعبة العروش باعتباره الواجهة الخارجية للقلعة الحمراء في كينغز لاندينج، أو حتى قصر جراند ماسترز في العاصمة الأصغر في أوروبا (فاليتا)، بل سيمتد المهرجان ليشمل قصر باريزيو في بلدة ناكسار، وأيضا المتحف الوطني للآثار في فاليتا.
وفي حين يحتفل المهرجان في جوهره بالموسيقى الكلاسيكية، إلا أن الهدف الأساسي منه وفقا لفرانس أجيوس الرئيس التنفيذي لهيئة مهرجانات مالطا الحكومية، هو الارتقاء بالأداء الكلاسيكي وإعادة فهمه وتقديمة بطريقة متعددة الأوجه، مؤكدا أن "هذا يدعو رواد الحفلات الموسيقية، وخاصة جمهورنا الأصغر سنًا، إلى الفضول وتجربة الأعمال الرائعة بطرق مبتكرة وغير متوقعة، وهذا التوجه المعاصر للفنون، يخلق جوًا فريدًا يجعل أي شخص يحضر يريد المزيد".
يحتفل المهرجان هذا العام بالذكرى السبعمائة لوفاة الرحالة الإيطالي الشهير ماركو بولو، وأيضا بحسب ما أشارت المديرة الفنية للمهرجان ميشيل كاستيليتي، بشخصية فينيسية أخرى شهيرة في ثقافة الموسيقى الكلاسيكية الغربية، وهو الملحن الإيطالي أنطونيو فيفالدي، وعمله الموسيقي الأشهر كونشرتو الفصول الأربعة، حيث كان فيفالدي نقطة انطلاقها، بعدما بدأت العوالم في الالتحام معا ليصبح استكشاف الفضاء وفق تعبيرها استكشافًا للوقت.
ففي هذا العام، ينظر المهرجان إلى طرق مختلفة يمكن من خلالها لهذا العمل الكلاسيكي ذائع الشهرة والذي أثر على مختلف الملحنين أن يتطور إلى أعمال فنية رائعة، بعدما خلق رحلة موسيقية تنتهي بعالم من الألوان والألعاب النارية والفصول المتغيرة باستمرار. وتوضح كاستيليتي أن هذا يشمل الفصول الأربعة التي أعاد ماكس ريختر تأليفها وإعادة أدائها، إضافة إلى لوحة شاعرية للفصول لتشايكوفسكي، وأيضا العاطفة الحسية للتانجو الأرجنتيني بأداء الموسيقار الأرجنتيني أستور بيازولا.
كما أشارت كاستيليتي إلى "شيء واحد يحدث لأول مرة في مالطا، هو تعال وغنِّ، وهو نوع من الفعاليات حيث يمكن للمرء اختيار المشاركة بالغناء، لدي ايمان شديد بالمشاركة العامة، وقد أردت أحضار هذا المفهوم البريطاني إلى مالطا".
أيضا ستتضمن نسخة هذا العام من المهرجان مشاريع تثقيفية وبرامج متخصصة، تشمل ورشة لفن التذهيب حيث سيغادر المشاركون كل بمنمنماته المذهبة التي عمل عليها.
مهرجان فاليتا للأوبرا المبكرة
نهاية ابريل 1775، كان العرض الأول لأوبرا"إيل ري باستوري لملك الراعي، بقاعة الفارس على مسرح ريزيدينز بمدينة سالزبورغ النمساوية، والتي ألفها فولفغانغ أماديوس موتسارت عندما كان لا يزال في التاسعة عشرة من عمره، لنص إيطالي من تأليف ميتاستاسيو. وتعتبر "إيل ري باستوري" واحدة من بين عشرات الأوبرا التي ألفها موتسارت، والتي نادرا ما تعرض، شأنها شأن عديد أوبراه. وهي أوبرا جادة، تتكون من فصلين وتستمر نحو 107 دقيقة، وقد قضى موتسارت ستة أسابيع في العمل عليها.
هذا العام، وفي النسخة الثانية مهرجان فاليتا للأوبرا المبكرة، 8-9 نوفمبر 2024، يعود لنا المهرجان بهذه الجوهرة من أوبرات موتسارت غير المقدرة، والتي تحكي عن الحرب والانتصار والحب المستحيل، مع عودة المايسترو الإيطالي جوليو براندي على رأس الفرقة الأوركسترالية على خشبة مسرح مانويل التاريخي، والذي يعمل منذ عام 1731، ويعد أقدم مسرح يعمل بكامل طاقته في أوروبا، وكان موطنًا لأحداث ذات أهمية كبيرة في التاريخ الثقافي والسياسي لمالطا.
مهرجان فاليتا الباروكي يناير 2025
في يناير من كل عام، وعلى مدى ثلاثة أسابيع، من 9-25 يناير، يمتد مهرجان فاليتا الباروكي، والذي قدم تجربة فريدة من نوعها منذ اطلاقة عام 2013، حيث يضم بعضًا من أفضل العازفين والفرق الموسيقية في عالم الموسيقى الباروكية، موفرا تجربة جوهرية لكل ما هو باروكي، حيث يقام في أماكن رائعة مثل قصر فيردالا، وقصر باريزيو، ومسرح مانويل، على سبيل المثال لا الحصر، وهي مساحات باروكية أصيلة مزينة بديكورات فخمة ومنحوتات ولوحات نموذجية لتلك الحقبة.
ويضم برنامج هذا العام فنانين دوليين مثل تشارلي سيم، كارمين لاوري، صامويل مارينو، سيغنوم، توماس دانفورد، ثيوتيم لانغلوا دي سوارت، وأندريا بوكاريللا. فيما يسلط المهرجان الذي تنظمه هيئة مهرجانات مالطا الحكومية، الضوء على التنوع الهائل للأسلوب الباروكي الرائع وجاذبيته الشاملة في معظم المواقع في فاليتا والأرخبيل المالطي، وهو تراث ثمين يعتز به أبناء مالطا، ويستمد المهرجان قوته من هذا التراث الغني.
M283 ارابيا، المنصة المثالية لمتابعة مختلف الاخبار في مجالات الأزياء، السفر، واللايف ستايل بشكل عام. تقدم لكم أحدث الأخبار والمستجدات من عالم الرفاهية والجمال.