في عالم اليوم السريع والمتسارع، كثيرًا ما يجد الناس أنفسهم في حالة من الإرهاق الذهني، أو ما يعرف بـ"ضباب الدماغ"، نتيجة نقص النوم. وقد توصلت دراسة حديثة إلى أن هناك حلاً جديدًا ومثيرًا لمواجهة هذا التحدي - ممارسة التمارين الرياضية المعتدلة. تُظهر الدراسة أن التمارين المعتدلة تساعد في تحسين الأداء العقلي والوظائف الذهنية، حتى في حالة عدم الحصول على النوم الكافي، مما يقدم خيارًا بديلاً للذين يواجهون صعوبة في النوم الكافي كل ليلة.
أثبتت الدراسة التي نُشرت في مجلة Physiology and Behaviour أن ممارسة التمارين الرياضية المعتدلة مثل المشي السريع أو الجري الخفيف يمكن أن تعيد الحيوية للعقل، حتى عند الشعور بالتعب بسبب نقص النوم. وقد أظهرت التجربة التي أجريت على مجموعة من الأشخاص الذين عانوا من قلة النوم، أن التمارين المعتدلة، ولمدة 20 دقيقة فقط، حسّنت قدرتهم على التفكير والتركيز بشكل ملحوظ. يتمثل السحر هنا في أن هذه التمارين تعزز تدفق الدم إلى الدماغ، مما يزيد من النشاط الذهني ويساعد في تحسين القدرات الإدراكية، حتى دون نوم كافٍ.
تقليديًا، يُعتقد أن التمارين قد تزيد من التعب وتستنفذ الطاقة، إلا أن الدراسة الحديثة تُظهر أن التمارين الرياضية المعتدلة لها تأثير مميز ومختلف عندما يتعلق الأمر بالأداء العقلي. فعند ممارسة النشاط البدني، يتم تعزيز تدفق الدم إلى الدماغ، مما يزيد من إمدادات الأكسجين والجلوكوز، وهما عنصران أساسيان لدعم وظائف المخ. بالإضافة إلى ذلك، تعمل التمارين على زيادة إفراز هرمونات السعادة مثل الأندورفين، مما يساعد في تحسين المزاج العام. هذا الخليط من التأثيرات يعزز من قوة العقل على التركيز واتخاذ القرارات في مواجهة التعب، مما يجعل ممارسة التمارين وسيلة فعّالة لتخفيف ضباب الدماغ.
في حين أن التمارين توفر دعماً مؤقتاً للأداء العقلي، إلا أنها لا تُعد بديلاً كاملاً للنوم. النوم له فوائد حيوية للصحة العامة، ويُعد الوقت الذي يقوم فيه الجسم بإصلاح نفسه وتجديد نشاط الدماغ. توصي الدراسة باللجوء إلى التمارين كحل سريع ومؤقت لتحسين الأداء العقلي في الأيام التي يقل فيها النوم، ولكنها لا تعني أن التمارين يمكن أن تكون بديلاً دائماً للنوم الجيد. لذلك، يجب على الأفراد الاستمرار في محاولة الحصول على نوم كافٍ، والاعتماد على التمارين كدعم مؤقت للتغلب على التعب وضباب الدماغ عند الحاجة.
لتحقيق أقصى استفادة من التمارين في تعزيز النشاط الذهني، يمكن للأفراد إدماج "تمارين صغيرة" ضمن روتينهم اليومي. تمثل هذه التمارين القصيرة التي تستغرق من 10 إلى 15 دقيقة حلاً فعالاً لتعزيز الطاقة بعد الغداء أو في أوقات الراحة خلال العمل. يمكن القيام بتمارين بسيطة مثل المشي أو القيام ببعض تمارين وزن الجسم لتحفيز الدورة الدموية وتجديد النشاط الذهني. هذه "التمارين الصغيرة" مثالية لتقديم دفعة طاقة وتحسين التركيز خلال فترة النهار، وتُعد حلاً مناسبًا لأولئك الذين يعانون من ضيق الوقت أو يجدون صعوبة في الحصول على نوم كافٍ.