في السنوات الأخيرة، انتشرت ظاهرة تقمص الشخصيات أو ما يعرف بالكوسبلاي بشكل كبير، حيث يقوم المعجبون بتصميم أزياء متقنة لشخصياتهم المفضلة من الأفلام والمسلسلات وألعاب الفيديو والقصص المصورة. يحضرون الفعاليات والمعارض لعرض إبداعاتهم والتفاعل مع مجتمعهم. لكن كيف بدأت هذه الظاهرة؟ وكيف وصلت إلى هذا الانتشار الواسع؟
تعود أصول الكوسبلاي إلى اليابان في السبعينيات، حيث صاغ الصحفي الياباني نوف تاكاهاشي مصطلح "كوسبلاي" بعد ملاحظته للمعجبين الذين يرتدون أزياء شخصيات من أفلام الخيال العلمي والفانتازيا في حدث Worldcon بلوس أنجلوس. سرعان ما انتشرت هذه الظاهرة في اليابان وأصبحت هواية شائعة بين عشاق الأنمي والمانجا وألعاب الفيديو.
يعتقد بعض المؤرخين أن للكوسبلاي جذور في المسرح الياباني التقليدي، وخاصة في فن الكابوكي الذي يعتمد على الأزياء المتقنة والمكياج الدقيق.
الكابوكي هو نوع من الدراما التقليدية اليابانية يعود تاريخه إلى القرن السابع عشر، ويتميز بأزياء مبهرجة ومكياج مميز وحركات مسرحية مبهرة. يجسد الكابوكي فكرة تجسيد الشخصيات من خلال الأزياء والماكياج، وهو ما يُعتبر جزءاً من الثقافة اليابانية منذ قرون.
في الثمانينيات، بدأ الكوسبلاي يكتسب شعبية في الولايات المتحدة بفضل انتشار الأنمي والمانجا اليابانية. كانت الفعاليات الأولى للكوسبلاي في أمريكا عبارة عن تجمعات صغيرة من المعجبين الذين يرتدون أزياء شخصياتهم المفضلة، وعقدت في غرف الفنادق والأماكن الصغيرة الأخرى.
في التسعينيات، بدأ الكوسبلاي يتحول إلى جزء رئيسي من الفعاليات الكبرى. أقيمت أول مسابقة كوسبلاي في World Science Fiction Convention بلوس أنجلوس في عام 1984، لكنها لم تصبح شائعة حتى التسعينيات. بدأت وسائل الإعلام تهتم بالكوسبلاي وأصبح موضوعاً شائعاً على المنتديات الإلكترونية ولوحات الرسائل.
في العقد الأول من الألفية الجديدة، بدأ الكوسبلاي يحظى باهتمام واسع النطاق. ظهرت الكوسبلايرز في البرامج التلفزيونية والأفلام، وأصبح الكوسبلاي موضوعاً شائعاً على وسائل التواصل الاجتماعي. أصبحت الأزياء والإكسسوارات المستوحاة من الكوسبلاي جزءاً من تصميمات الأزياء.
أصبح الكوسبلاي اليوم ظاهرة عالمية مع ملايين المعجبين حول العالم. لم يعد الكوسبلاي هواية مقصورة على الفعاليات الفرعية بل أصبح جزءاً من الثقافة الشعبية. تطور الكوسبلاي ليشمل جميع الأعمار والأجناس والخلفيات، وأصبح وسيلة للتعبير عن الذات والإبداع، ووسيلة للاتصال مع الآخرين الذين يشاركون نفس الاهتمامات.