قبل أكثر من قرن، كانت تايتنك رمزًا للفخامة والتطور الصناعي، سفينة لا تُقهر كما وصفها الناس في زمانها. لكن الزمن تغيّر، والتكنولوجيا قلبت المفهوم رأسًا على عقب. اليوم، تظهر Icon of the Seas كأعجوبة هندسية حديثة، تجعل تايتنك تبدو كقارب صغير أمامها. إنها ليست مجرد وسيلة نقل، بل مدينة عائمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
في عام 1912، كانت تايتنك أكبر سفينة عرفها العالم، بطول يقارب 883 قدمًا وسعة تتجاوز 2400 راكب. جمعت بين الفخامة البريطانية والهندسة الحديدية المتقدمة، فكانت أشبه بقصر ملكي يبحر في المحيط. من أرضيات الرخام إلى قاعات الطعام المزخرفة، كل تفصيل فيها كان يعبّر عن طبقة النخبة في زمن لم يعرف بعد مفهوم “الرفاهية للجميع”.
بعد أكثر من قرن، جاء الجواب من شركة Royal Caribbean التي قدّمت للعالم أضخم سفينة تم بناؤها على الإطلاق Icon of the Seas. بطول 1,198 قدم وسعة تصل إلى 9,950 شخصًا، تجاوزت فكرة النقل إلى مفهوم “المدينة العائمة”. السفينة تضم حدائق مائية، مسارح، مطاعم فاخرة، ومناطق ترفيه تفوق ما يوجد على اليابسة.
في حين كلّف بناء تايتنك نحو 250 مليون دولار بالقيمة الحالية، وصلت تكلفة بناء Icon of the Seas إلى 2 مليار دولار. هذا الفارق الضخم يعكس ليس فقط تطور المواد والتقنيات، بل أيضًا التغيير في مفهوم الرفاهية نفسه من الأناقة الهادئة إلى التجربة المتكاملة التي تُرضي جميع الحواس.
رغم التقدم الكبير في التكنولوجيا، فإن بناء السفن الحديثة أصبح مشروعًا أشبه ببناء مدينة كاملة. استغرقت تايتنك نحو خمس سنوات لتُصنع، بينما احتاجت Icon of the Seas إلى أكثر من سبع سنوات من التصميم والهندسة والتجارب. كل جزء فيها محسوب بدقة ليوفر الأمان والراحة والرفاهية معًا.
كل سفينة تحمل بصمتها الخاصة في التاريخ. تايتنك كانت أسطورة القرن العشرين، رمزًا للحلم الإنساني. أما Icon of the Seas فهي انعكاس لعصرنا الحديث عصر الطموح، التكنولوجيا، وتجربة الحياة بأقصى صورها. إنها ليست مجرد سفينة، بل منصة تُجسّد كيف تحوّل البحر من وسيلة عبور إلى وجهة في حد ذاته.