في زمن أصبحت فيه المسافات تختصر بفضل التكنولوجيا المتقدمة في عالم الطيران، ظهرت فئة جديدة من الرحلات تُعرف بـ “الرحلات فائقة الطول”، وهي تلك التي تتجاوز 17 ساعة متواصلة في الجو. هذه الرحلات، التي تربط بين قارات بعيدة مثل أمريكا وآسيا أو أستراليا وأوروبا، باتت تجذب المسافرين الباحثين عن الراحة والاتصال المباشر دون توقف. ومع طول المدة، تأتي الحاجة إلى استعداد ذكي ونمط سفر صحي يضمن تجربة مريحة.
الرحلة الأطول في العالم حاليًا تنطلق من نيويورك إلى سنغافورة عبر شركة Singapore Airlines، وتستغرق نحو 18 ساعة و40 دقيقة دون توقف. يليها خط سنغافورة إلى نيوآرك، ثم نيويورك إلى أوكلاند عبر Air New Zealand، وتصل مدتها إلى 18 ساعة كاملة. كما تربط رحلات أخرى مثل سان فرانسيسكو إلى بنغالور ولوس أنجلوس إلى سنغافورة بين الشرق والغرب في زمن يتجاوز 17 ساعة، ما يجعلها تحديًا جسديًا وعقليًا للمسافرين. كل هذه الرحلات تُشغَّل بطائرات متطورة مثل Airbus A350-900ULR وBoeing 787-9 Dreamliner المصممة خصيصًا لتوفير الراحة في المسافات الطويلة.
اعتمدت شركات الطيران الكبرى على تطوير مقصوراتها بشكل جذري لتجعل من الرحلة الطويلة تجربة مريحة وفاخرة. فقد ألغت بعض الخطوط مثل Singapore Airlines الدرجة الاقتصادية العادية في هذه المسارات، مكتفية بمقاعد Business Class وPremium Economy التي توفر مساحات أكبر وقدرة على التمدد الكامل للنوم. أما طائرات Qantas وAir New Zealand فقد أضافت تجهيزات ذكية مثل الشاشات 4K وإمكانية ربط السماعات عبر البلوتوث وحتى أسِرّة نوم اقتصادية “Skynest” قادمة قريبًا لتمنح الركاب إحساسًا بالاسترخاء وكأنهم في غرفة فندقية مصغرة.
ينصح خبراء التغذية بتناول وجبات خفيفة وغنية بالعناصر الطبيعية مثل البروتينات الخفيفة والفواكه والمكسرات لتجنب الانتفاخ والإرهاق أثناء الرحلات الطويلة. كما يجب تجنّب المشروبات الغازية والمأكولات الدسمة قبل الإقلاع. ينصح الخبراء كذلك بشرب كوب ماء كل ساعة لتعويض الجفاف الناتج عن الهواء الجاف داخل المقصورة. بعض المسافرين يفضلون إضافة مكملات إلكترولايت أو أقراص Effer-Hydrate لتعزيز الترطيب أثناء الطيران، مما يساعد الجسم على التكيف مع الضغط الجوي الطويل.
للتخفيف من آثار اضطراب الساعة البيولوجية “Jet Lag”، يُفضل ضبط الساعة فور الصعود إلى الطائرة على توقيت الوجهة النهائية. ينصح الأطباء بمحاولة النوم أو تناول الطعام وفقًا للوقت المحلي للمكان الذي تتجه إليه الرحلة. كما يُفضل تجنب المشروبات المنبهة قبل النوم واستخدام أدوات تساعد على الراحة مثل قناع العين وسدادات الأذن، ما يساعد الجسم على التكيف بشكل أسرع بعد الوصول.
يشير خبراء النوم إلى أهمية تجهيز أدوات النوم مسبقًا مثل وسادة الرقبة والبطانية الخفيفة، إلى جانب ممارسة تمارين التنفس العميق أو التأمل للمساعدة على النوم في بيئة مزدحمة. كما يمكن تناول Melatonin تحت إشراف طبي للمساعدة في ضبط إيقاع النوم الطبيعي عند السفر لمسافات بعيدة. التوازن بين الاسترخاء والتركيز على التنفس يساعد العقل على تجاوز التوتر والوصول إلى حالة من الهدوء أثناء الطيران الطويل.
مع تطور الطائرات والتقنيات الحديثة، لم تعد الرحلات الطويلة مرهقة كما في السابق، لكنها ما زالت تتطلب استعدادًا ذكيًا للحفاظ على الراحة والصحة طوال الساعات الممتدة في الجو. من اختيار المقعد المناسب إلى الترطيب الجيد والتكيف مع الوقت الجديد، يمكن للمسافر أن يحوّل الرحلة الطويلة إلى تجربة مريحة وهادئة، بل وحتى فرصة للاستجمام على ارتفاع 35 ألف قدم.