المشي من أبسط العادات التي يمكن أن تحدث فارقًا كبيرًا في الصحة، ومع ذلك لا يحظى بالتقدير الكافي. سواء كان المشي لخمس دقائق فقط أو لساعة كاملة، فإن كل خطوة تساهم في تعزيز الصحة العامة. من تنظيم مستويات السكر في الدم إلى تقليل التوتر وتحسين وظائف الدماغ، يختلف تأثير المشي وفقًا للمدة الزمنية التي يقضيها الشخص في الحركة. إليك كيف يؤثر المشي بمختلف مدده على الجسم ولماذا يجب أن يصبح جزءًا من الروتين اليومي.
حتى المشي القصير بعد تناول الطعام يمكن أن يساعد في تنظيم مستوى السكر في الدم، مما يقلل من التقلبات الحادة التي قد تؤدي إلى الشعور بالتعب أو الجوع السريع. أظهرت دراسة نشرت في Sports Medicine أن المشاركين الذين ساروا لبضع دقائق بعد الأكل شهدوا انخفاضًا تدريجيًا في نسبة السكر في الدم، مقارنة بمن بقوا جالسين.
عندما يتحرك الجسم، تقوم العضلات باستخدام الجلوكوز كمصدر للطاقة، مما يقلل من نسبة السكر المتراكمة في الدم. هذا يقلل من فرصة تخزين الجلوكوز الزائد كدهون، خصوصًا في منطقة البطن. كما يساعد المشي على تحفيز عملية الأيض، مما يساهم في تقليل الشهية والرغبة في تناول السكريات، وبالتالي يمكن أن يساعد في إدارة الوزن بشكل أكثر كفاءة.
يساهم المشي لمدة 10 دقائق فقط في تحسين صحة القلب وخفض ضغط الدم. وفقًا لدراسة نشرت في The Journal of Human Hypertension، فإن المشي لثلاث جلسات مدة كل منها 10 دقائق على مدار ثلاث ساعات ساعد في تقليل ضغط الدم الانقباضي، مما يقلل من خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب.
إلى جانب الفوائد الجسدية، يمكن للمشي القصير أن يعزز الحالة المزاجية. فقد أظهرت دراسة في Psychology of Sport and Exercise أن المشي لمدة قصيرة يزيد من الشعور بالسعادة والتحفيز، مما يساعد في تقليل التوتر وتحفيز الشخص على مواصلة النشاط البدني بانتظام، وهو ما يساهم في بناء عادات صحية طويلة الأمد.
يعد المشي لمدة 30 دقيقة وسيلة فعالة لمكافحة التوتر والقلق وحتى الاكتئاب. فقد وجدت دراسة نشرت في Medicine & Science in Sports & Exercise أن الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب شعروا بالمزيد من الطاقة وتحسن عام في المزاج بعد المشي لمدة نصف ساعة. كما أظهر المشاركون انخفاضًا في المشاعر السلبية مثل التوتر والغضب والإجهاد، واستمرت هذه التأثيرات الإيجابية لمدة تصل إلى ساعة بعد المشي.
بالإضافة إلى الفوائد النفسية، يساعد المشي في تعزيز كثافة العظام وتقليل خطر الإصابة بهشاشة العظام. فقد أظهرت دراسة نشرت في PLOS ONE أن المشي المنتظم وبوتيرة سريعة يمكن أن يعزز قوة العظام ويقلل من خطر الكسور المرتبطة بتقدم العمر.
يمكن للمشي لمدة 40 دقيقة أن يحسن وظائف الدماغ ويعزز الذاكرة، خصوصًا مع التقدم في العمر. فقد أجرى جامعة كولورادو دراسة على مجموعة من البالغين فوق سن الستين، حيث تم تقسيمهم إلى مجموعات تمارس أنشطة مختلفة مثل المشي أو الرقص أو التمدد. بعد ستة أشهر، أظهرت مسوحات الدماغ أن الذين مارسوا المشي شهدوا تحسنًا ملحوظًا في المادة البيضاء في الدماغ، وهي المسؤولة عن توصيل الإشارات العصبية وتحسين معالجة المعلومات.
كما حقق المشاركون الذين ساروا بانتظام درجات أعلى في اختبارات الذاكرة، مما يشير إلى أن المشي لا يفيد فقط الجسم، بل يعزز أيضًا وظائف الدماغ ويقلل من خطر التدهور المعرفي المرتبط بالتقدم في العمر.
يعد المشي لمدة 60 دقيقة يوميًا من أفضل الوسائل لتحسين جودة النوم والتخلص من الأرق. فقد أظهرت دراسة نشرت في Sleep عام 2019 أن النساء بعد انقطاع الطمث اللواتي مارسن المشي لمدة ساعة يوميًا تمتعن بنوم أعمق وأكثر راحة مقارنة بمن لم يمارسن النشاط البدني.
إلى جانب تعزيز النوم، يساعد المشي لمدة ساعة أيضًا على تقليل مستويات التوتر. فقد كشفت دراسة في Molecular Psychiatry عام 2022 أن المشي في الطبيعة لمدة 60 دقيقة يقلل من نشاط الدماغ في المناطق المرتبطة بمعالجة التوتر، في حين أن المشي في بيئة حضرية لم يقدم نفس الفائدة. يساعد تقليل التوتر على تحسين الحالة المزاجية وزيادة التركيز وتقليل القلق، مما يجعل المشي الطويل وسيلة فعالة للاسترخاء بعد يوم طويل من العمل.
يعتبر المشي من أسهل وأفضل الطرق لتعزيز الصحة العامة. سواء كان مجرد نزهة قصيرة بعد الأكل أو ساعة كاملة من المشي في الهواء الطلق، فإن كل خطوة تقدم فوائد رائعة مثل تحسين صحة القلب، تعزيز المزاج، تقليل التوتر، وتحسين وظائف الدماغ. عند دمج المشي في الروتين اليومي، يمكن الاستفادة من مجموعة واسعة من الفوائد الصحية التي تؤثر إيجابًا على اللياقة البدنية والصحة النفسية على حد سواء.