وسط ناطحات السحاب المذهلة على شارع الشيخ زايد، يظهر مبنى غريب لامع بزخارف عربية تلتف حوله كما لو كانت جزءاً من آلة زمنية. إنه متحف المستقبل… أحد أشهر المعالم الحديثة في دبي وأكثرها إثارة للجدل. لكن في ظل سعر تذكرة يصل إلى 149 درهماً، يبقى السؤال المشروع: هل تستحق التجربة هذا المبلغ فعلًا، أم أن الأمر لا يتعدى صور إنستغرام جذابة وواجهة فخمة فقط؟
من اللحظة الأولى، يخطف المبنى الأنظار بتصميمه المستقبلي الخالي من الزوايا والدعامات. يشبه حلقة ضخمة من الفولاذ تنبض بالخيال العلمي. الزخارف العربية تعطيه هوية فريدة تجعله يتجاوز فكرة كونه "متحف" إلى كونه رمزاً بصرياً لا يمكن تجاهله. وحتى قبل دخولك، غالباً ما تلتقط له صوراً من كل زاوية ممكنة. هذه اللمسة المعمارية وحدها كفيلة بإقناع الزائر أنه دخل مكاناً خارج المألوف.
التجربة داخل المتحف لا تشبه متاحف الفن الكلاسيكية. الزائر يجد نفسه في محطة فضائية، يتنقل عبر محاكاة للغابات المطيرة، يتفاعل مع روبوتات ذكية، ويستكشف مكتبة ضخمة تعرض الحياة الجينية للكائنات. هناك لحظات تبعث الدهشة فعلاً، خصوصاً في قسم "محطة الأمل". لكن تظل التجربة ذاتية بالكامل، بدون مرشدين أو تعليقات صوتية عربية واضحة، ما قد يحدّ من التفاعل التام خاصة لمن لا يجيدون الإنجليزية.
رغم أن بعض الأقسام تترك أثراً فعلياً كركن "الواحة" الحسي، والروبوتات المذهلة، إلا أن بعض الزوايا تبدو غير مفهومة أو خافتة الإضاءة. التكنولوجيا المعروضة جذابة، لكنها أحياناً تبدو كأنها عرض صوري دون عمق كافٍ. وإذا لم يكن الزائر متمكناً من اللغة، فقد يشعر بانفصال عن المحتوى الحقيقي للمعروضات، مما يقلل من قيمة التجربة بالنسبة له.
الحجز المسبق ضروري لأن التذاكر تُباع بسرعة، وقد يضطر الزائر إلى دفع الضعف لحجز متأخر. بالنسبة لعشاق التصميم والمستقبل، فالمكان قد يكون يستحق كل درهم. لكن للعائلات الكبيرة أو الزوار العابرين، قد يبدو المبلغ مبالغاً فيه، خاصة في ظل غياب الترجمة أو الجولات الإرشادية التي تبرر السعر المرتفع.
بلا شك، التجربة بصرية مذهلة ومناسبة تماماً لروح دبي العصرية. المتحف ليس تقليدياً ولا يحكي تاريخاً، بل يمنح لمحة حالمة عما قد يكون عليه المستقبل. يُنصح بزيارته لمن يبحث عن مكان مميز للتصوير واستكشاف أفكار جديدة، لكن مع ضبط التوقعات. التجربة أكثر عرضاً بصرياً من كونها رحلة معرفية عميقة… والهاتف مشحون ضروري، لأن الصور وحدها قد تكون الجزء الأهم من الزيارة.