ما يميز The Not Very Grand Tour أنه لا يسعى إلى مغامرات جديدة بقدر ما يعيد تسليط الضوء على مغامراتهم السابقة من زاوية مختلفة. فبدلاً من الاستعراضات الميدانية، يجلس جيمس ماي وريتشارد هاموند أمام الكاميرا ليتأملا بصوت عالٍ رحلاتهم السابقة، ويسردا مواقف لم تكن ظاهرة للمشاهدين، ويعلقا بطرافة على لحظات كانت يومًا ما جادة. يقدم العرض مزجًا ذكيًا بين أرشيف غني من الحلقات السابقة وتعليقات حالية تعكس النضج والذكريات، ما يجعل التجربة مختلفة رغم أنها مأخوذة من أرشيف مألوف. هو عرض يحترم ذاكرة المشاهد، ويقدم له ما يحبه في قالب مريح ومرح.

رغم أن اسم جيريمي كلاركسون كان دائمًا جزءًا لا يتجزأ من أي مشروع يحمل توقيع الثلاثي، إلا أن مشاركته في هذا العرض الجديد جاءت محدودة، مقتصرة على الظهور من خلال مقاطع أرشيفية فقط. يعود السبب في ذلك إلى توجه البرنامج نفسه، الذي لا يعتمد على الحضور المباشر بقدر ما يسلط الضوء على الماضي. ومع ذلك، فإن روح كلاركسون الحاضرة في المقاطع المختارة بعناية، تضمن للمشاهد جرعة من السخرية اللاذعة التي عُرف بها. هذا الظهور المحدود يثير فضول المتابعين، لكنه أيضًا يمنح هاموند وماي فرصة لإبراز جانبهم الخاص من الحكاية بعيدًا عن ظل الشخصية الطاغية لكلاركسون.

الحلقة الافتتاحية تحمل عنوان The Glory and the Power، وهي بمثابة احتفاء صادق بعالم المحركات التقليدية، الذي كان أساسًا لكل تجربة عاشها الثلاثي خلال سنوات عملهم. تستعرض الحلقة سيارات تركت بصمة، ومحركات شكلت مشاهد خالدة في تاريخ البرنامج. بعيدًا عن الإثارة المعتادة، تأتي هذه الحلقة بروح هادئة، تسرد الذكريات بعين المتأمل، وتجمع بين الحب القديم للسيارات والإحساس بأن زمنًا ما قد ولّى. وهي لا تخاطب فقط عشاق السيارات، بل أيضًا جمهور الذكريات الذي عاش لحظات هذه الرحلات وتكوّن لديه ارتباط عاطفي بها.

من المقرر أن يُعرض The Not Very Grand Tour في 18 أبريل على أمازون برايم داخل المملكة المتحدة، لكن لم يتم تأكيد تفاصيل الإطلاق الدولي بعد. ورغم غياب المعلومات الدقيقة، من المتوقع أن يصل البرنامج إلى جمهور واسع حول العالم، نظرًا لشعبية الثلاثي الهائلة وامتدادها العالمي، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط. الجمهور العربي، الذي طالما تابع مغامرات الثلاثي بشغف، يترقب الإعلان الرسمي لتحديد موعد التوفر المحلي، وهو ما يعكس الحنين المشترك لهذا النوع من البرامج التي تجمع بين السيارات والدراما الساخرة.

لطالما كانت الكيمياء بين الثلاثي: كلاركسون، ماي، وهاموند هي السر وراء نجاحهم، فهم لا يقدمون معلومات فقط، بل يروون قصصًا ممتعة بطابع إنساني يجمع بين الهزل والجد. ومع أن هذا العرض الجديد أقل صخبًا من مغامراتهم السابقة، إلا أنه يحمل روحهم بكل ما فيها من شغف وسخرية وصدق. يعود الثنائي في هذا البرنامج ليقدما للمشاهدين ما افتقدوه منذ انتهاء جولتهم الكبرى: الضحك، الذكريات، والحكايات التي لا تملّ. هو عرض يعيد للمشاهد الإحساس بالارتباط، ويذكره لماذا أحبّ هذه الوجوه من البداية.